| قصائد

رسلُ البيادر

 

 

أيسعى الناس لإرضاءِ الأمهات

وأخونُ أنا أُمَّيَّ: ذات الرحم وذات التراب؟!

 

مرّي فلا ريحٌ تمرُّ عليّا

أو نجمةٌ تغفو على جفنيّا

وَجَعُ الخريفِ على ضِفافِ دفاتري

لمْ يُبْقِ من صيفِ العزيمةِ شيّا !

والخمرُ غرّرَ بي وتابَ. كأنهُ

لم يلقِ نارَ الإثمِ في عينيّا

حتى القصيدةُ أنكرتْ صِلتي بها

كم جُلتُ بينَ قصائدي منفيّا

والدهرُ بينَ يديهِ قلّبَ أدمعي

مرّي ببالي كي أعودَ إليّا...

 

***

ليلي استدارَ فسرِّحي الليلَ..اطعنيهِ-

بالبَنَانِ العاجِ طعنَ ثريّا...

يكفي ظلام العمرِ خمس سنابلٍ

ليعودَ تاريخُ الجمالِ سنيّا...

أنتِ اليقينُ , فكلِّ بيتٍ هاربٍ

للشكِّ ساهٍ..كنتِ منهُ رويّا...

مرّي لأمنحني فمي ورعونتي

ولأستردَّ من العناقِ يديّا...

أحتاجُ ضعفَ قوايَ..عشرَ تمائمٍ

أو ليلتيْ قدرٍ...وربعَ مُحيّا..

لم أنسَ وردَ الساحِ يستسقي دمي

ظمأً..وما كان الهوى منسيّا

مرّي مرور الريحِ..ليس تحسّباً...

ما كنتُ يوماً عاشقاً عذريّا !

لكنَّ نزف الأرضِ أبلغُ رعشةً

وأشدُّ وقعاً من صباكِ عليّا...

***

صَلبَ الأسى شِعري على أوزانِه

وأنا صَلبتُ غدي على شفتيّا

ماضٍ وعكازي هواكِ..وموطني

قلقي...وأسمالي على كتفيّا..!

ذكراكِ (جلجلتي) وطيفكِ منجدي

لو دقَّ مسمارُ الجوى كفيّا...

الحزنُ شاءَ -ولم أشأ- أن أُصطفى

لأعيشَ جُرْحاً أو أموتَ نبيّا...

***

الشعرُ قبلَ ولادتي اختصرَ الصدى

بيدي..وناداني الإباءُ فتيّا:

ولدي لجرحِ الأرضِ ثغرٌ عاشقٌ

وتحبُّ أنت دمَ الَّلمى عربيّا..

قبلهُ..هِمْ فيهِ..اغتسلْ بندائهِ

للكونِِ..حيَّ على البيادرِ حيّا...

***

 

وأبي الذي لا يهتدي إلاّ بتمتمةٍ-

لـ(قلْ هوَ...)بكرةً وعشيّا

خَرَزَاتُ سُبْحتِهِ وحُلْمُ طفولتي

اختارا يديهِ مَسكَناً أبديّا...

عمري ترعرعَ عندَ جيبِ قميصِهِ

وقميصُهُ البالي ترعرعَ فيّا !

يرعى الوصايا أنجماً في مهجتي

ألوانُ غرّتها تقولُ: بنيّا...

عشْ بينَ أشرعةِ الشموسِ معانقاً

أملاً..ومتْ مثل النجومِ أبيّا...

فالشمسُ حينَ تغارُ تصبحُ طفلةً

منّا..ويَشْرُقُ نورُها شرقيّا...

***

وتقولُ أميَ للترابِ إذا بكى

من مقلتيها جارحاً خديّا:

لي حِلْيَةٌ في الصَّدرِ خذْها سيدي

وأمومةٌ كثرى الجنوبِ لديّا...

ولديَّ منديلٌ بليلٌ خذْهُ...خذْ

(إسوارتي)...أو شئتَ خذ ولديّا...

فمُها.كأنْ زرَعتهُ في خلدي.كأنْ

نَسِيَتْ سماءً ما على أذنيّا...

يدعو, يقبِّلُ جبهتي ويقولُ لي:

كُنْ للترابِ ,كما التراب, وفيّا...!

***

والأرضُ أمُّ القمحِ يولدُ عندنا

وحياً..وينطقُ في الترابِ صبيّا...

تزهو..وترشقُ حلمنا بالعطرِ كي

ينأى..ويصبحَ مبتغاهُ شهيّا...

أمُّ الجمالِ..وأمُّ أمِّيَ لو علمتَ-

هما قراءاتُ الوجودِ عَليّا...

بالله قل.أأصوغُ عمريَ منهما

وأخونُ مع غضبِ الدجى أُمَّـيّا...؟!




الشاعر مهدي منصور

شاعر لبناني، وأستاذ جامعي متخصص بالفيزياء والتربية، من مواليد 29 شباط، يعدُّ من أبرز الوجوه الشعريّة في لبنان والعالم العربي.

ابتدأ مشواره الشعري في برنامج المميزون الذي عرضته المؤسسة اللبنانيّة للإرسال عام 2003 حيث حصد الميداليّة الذّهبيّة عن فئة الشعر المرتَجَل.

صقل منصور موهبته الشعريّة وأفقه الإبداعي عبر دراسته وتدريسه الادب العربيمن جهة ودراسته الفيزياء والرياضيات التطبيقية والتربية حتى نال شهادةالدكتورة في فيزياء الكم.

لعلّ أبرز المحطّات التي كرّست اسم الشاعر مهدي منصور عربيّاً كانت مشاركته في برنامج أمير الشعراء 2008 الذي تنتجه وتبثّه قناة ابوظبي الفضائيّة حيث نال الشاعر جائزة لجنة التحكيم.

 في شعر مهدي منصور، تنسجم الاصالة وhلحداثة معاً انسجاماً تامّاً حتى لكأنهما تبدوان قبلتين لثغر واحد، فهو يكتب بلغة عصره ويتعمق في التجارب الشعريّة الحديثة، ولكنّه يحافظ على الإيقاع الموسيقي الساحر الذي يميّز الشعر العربي، الأمر الذي نال استحسان كبار شعراء لبنان فدعموه وقدموا له.

 ويتّخذ شعر منصور طابعاً إنسانيّاً شاملاً وبُعداً كونيّاً يترجم أدق الهواجس اللاإنسانية ويطرح الاسئلة التي تضع الإنسان في مواجهة مع ذاته، الامر الذي خوّله الحصول على جائزة ناجي النعمان الثقافيّة عام 2009 وشملت الجائزة طباعة ديوانه الأخير "يوغا في حضرة عشتار" وعلى جوائز وميدالياتٍ وأوسمةٍ عديدة لا يتسع المكان لذكرها.

مثّل منصور وطنه في المحافل الشعرية والمهرجانات الثقافية العربية والعالمية.والجدير ذكره أنّ قصائد الشاعر منصور تُدرّس في بعض كتب الأدب العربي في المناهج اللبنانية والعربيّة كما وترجمت بعض قصائده إلى لغات عدة كان آخرها ترجمة إلى اللغة الألمانية ضمن دراسة "أنطوبولوجيا" أعدّها معهد غوتّه الألماني...

صدر للشاعر:

متى التقينا 2004

انت الذاكرة وأنا 2007

قوس قزح 2007

كي لا يغار الأنبياء 2009

يوغا في حضرة عشتار   2010

أخاف الله والحب والوطن 2016

الأرض حذاء مستعمل 2016

فهرس الانتظار 2018